إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود
(1133ـ1218)

         هو عبدالعزيز بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي، من بني حنيفة، من قبائل بكر بن وائل. وهو الابن الأكبر للإمام محمد ابن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى. ولد في الدرعية سنة 1133. وبها نشأ وتعلم. كان جدّه سعود بن محمد بن مقرن، جدّ الأسرة السعودية، الذي تنسب إليه، هو أمير الدرعية عند ولادته، وظل أميرًا لها حتى بلغ عبدالعزيز الرابعة من العمر، حيث توفي جده ليلة عيد الفطر من سنة 1137. وبعد سنتين، أي سنة 1139، آلت إمارة الدرعية إلى والده، بعد أن تقاتل عليها اثنان من أبناء عمومته. وقد بقي والده في حكم الدرعية 40 سنة، حتى توفي، رحمه الله، سنة 1179. ويمكن القول إن عبدالعزيز نشأ في بيت إمارة وملك، منذ نعومة أظفاره، فتعلّم أصول الحكم والإدارة، والتعامل مع الخاص والعام، من والده، الذي كان معروفًا بالصّدق والصّراحة والوفاء والورع وحسن التصرف.

         وقد شهد، في شبابه، مرحلة التحول الكبرى في نجد، وانتقال الدرعية من بلدة صغيرة، لم يكن عدد بيوتاتها يتجاوز السبعين، إلى عاصمة علمية وسياسية لدولة ناشئة، يفِد إليها طلبة العلم، ويخرج منها دعاة الدعوة الإصلاحية، إلى المدن والمناطق المجاورة، وتجيش فيها الجيوش لقمع الباطل وإظهار الحق. وكان عمره، حين صدع الشيخ محمد بن عبدالوهاب بدعوته في حريملاء، عشرين سنة. وكان في الرابعة والعشرين، حينما وصل الشيخ إلى الدرعية، وتمّ اتفاق الدرعية المشهور، بين الشيخ ووالده محمد بن سعود.

         وكان قدوم الشيخ إلى الدرعية سنة 1157، وعبدالعزيز في ريعان شبابه، فرصة له لملازمة الشيخ والاستفادة من علمه. وكان شغوفًا بذلك، بل إنه كان قد أرسل إلىلشيخ، حين كان في العُيينة، يطلب منه تفسيرًا لسورة الفاتحة. فتبنى الفكر الإصلاحي، واقتنع بأن مصلحة البلاد والعباد في مساندة هذه الدعوة ونشرها، وتخليص الناس من مظاهر الشرك والضلال. لذا ينقل عنه المؤرخون أنه كان ورعًا، كثير الخوف من الله، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، عادلاً، كريمًا، جوادًا، رؤوفًا بالرعية. وكان لا يخرج من المسجد بعد الفجر، حتى ترتفع الشمس، ويصلي ركعتي الضحى. ومن يطلع على رسائله للأمصار، يدرك مدى تضلعه بالعلم وحنكته.

         عندما بويع بالإمامة، بعد وفاة والده، كان عمره 46 سنة، كان مقدامًا، شجاعًا، بحكمة وحزم. قاد الجيوش في عهد والده، وظل على شجاعته وإقدامه، طوال مدة حكمه. فاتسعت رقعة البلاد في عهده، ودانت له أصقاع شبه الجزيرة العربية، عدا الحرمين. قال عنه "رينو"

: "… لم يكن عنده قصر، بمعنى القصور الملكية المترفة في الغرب، ولا ديوان، وكان يقوم بأعماله بنفسه، يساعده كاتب واحد.

         أما عدد جنوده، فمائة ألف، ولكنه يستطيع، متى أراد، أن يسوق إلى ساحة القتال ضعفي هذا العدد"

.

         شهد عصره عددًا من الأحداث العظام، فتصرف بحكمة ورباطة جأش. فبعد أن دان له القصيم، أجمع أهلها، سنة 1196، على نقض البيعة، عدا بريدة، والرّس، والتنومة، فتعامل مع الوضع بحكمة، حتى استعاد نفوذه هناك. وفي عهده، توفي الشيخ المجدّد محمد بن عبدالوهاب، سنة 1206، فصبر واحتسب، ولم يتضعضع أو يفتر عن الجهاد والدعوة، وحافظ على علاقته بأبناء الشيخ. ومما يذكر له، أنه لما دخل الرياض، سنة 1187، دعا أهلها بالأمان، وختم على أبواب منازل من كان فر منهم؛ لئلا تتعرض للسرقة، فعاد كثير منهم إلى الرياض.

زوجاته وأبناؤه

         تزوج من ابنة عثمان بن ناصر بن عبدالله بن معمر

، وأنجبت له ابنيه: سعودًا، الذي خلفه في الحكم، ومحمدًا. كما تزوج من إحدى بنات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وأنجبت له ابنيه عمر وعبدالعزيز، يذكر ابن بشر أن الإمام عبدالعزيز، عندما دخل منفوحة سنة 1180، تزوج ابنة زامل، ولم يذكر له منها ذرية

، وله خمس بنات، منهن لطيفة ومنيرة

.

وفاته

         استشهد، رحمه الله، سنة 1208، إذ قُتل، وهو ساجد يصلي العصر، بمسجد الطريف بالدرعية. قتله درويش، قدم إلى الدرعية، وأظهر التدين، فأكرمه الإمام عبدالعزيز وقرّبه، وكلف من يعلمه أمور دينه. قال ابن بشر عنه: إنه كردي، وقيل إنه شيعي ناقم، بعد حادث كربلاء، سنة 1216، حيث دخلت قوات الإمام بعض مدن العراق، فأزالت مظاهر الشرك من القباب، ونحوها من المشاهد الشيعية، في كربلاء، وأزالوا كل القباب والأضرحة في المناطق السنية والشيعية. وقيل إنه فارسي، من فارس، أو من العراق. وقيل إن والي بغداد، علي باشا، هو الذي دبّر المؤامرة، ودفع للرجُل مالاً ووعده بالصرف على ذريته من بعده

.

         كان ابنه سعود، حين قُتل، في نخله المعروف، بمشيرفة، بالدرعية. فلما بلغه الخبر، حضر مسرعًا، فوعظ الناس، وعزّاهم، وبُويع بالإمامة خلفًا لوالده.